الخلق الحسن

الخلق الحسن

المؤمنَ يُطْبَعْ على كُلّ خُلُقٍ ليسَ الخيانةَ والكذبَ

من أمهات مكارم الأخلاق التي بُعِثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لتتميمها الصدقُ، ونقيضُ الصدقِ الكذبُ الذي بيَّن الله تبارك وتعالى في كتابه أنه ليس من صفات المؤمنين، قال تعالى:﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُون﴾.
فقوله تعالى ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِى الكذب﴾ على الله ﴿الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله وأولئك هُمُ الكاذبون﴾ افتراء الكذب ممن؟ ممن لا يؤمن لأنه لا يترقب عقاباً عليه ﴿وأولئك هُمُ الكاذبون﴾ على الحقيقة الكاملون في الكذب، لأن تكذيب ءايات الله أعظم الكذب. وورد في الحديث أن المؤمن لا يُطبع على الخيانة والكذب "يُطْبَعْ المؤمنُ على كُلِّ خُلُقٍ ليسَ الخيانةَ والكذبَ" وهذا صحيح معناه المؤمن لا يكون الكذب والخيانة طبيعة له، ليس معناه لا يكذب ولا يخون، لا. إنما معناه لا يكون ذلك طبيعة له.
فلا يجوز أن يقال إنه سئل الرسول هل يزني المؤمن؟ قال: قد يزني، قيل: وهل يكذب؟ قال: لا. هذا لا يجوز روايته عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم الكذب فاش بين البشر، من الذي يخلص من الكذب؟! النادر، النادر الذي يسلم من الكذب بالمرة. فالأصل في المؤمن أن يكون صادقاً لا يكذب، أن يكون أميناً لا يخون، وأن يكون متأسياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين الذي لم يتهم قط بالكذب كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ﴾.
قوله تعالى: ﴿فإنهم لا يكذبونك﴾ أيفي الحقيقة إنهم لا يكذبونك أي لا ينسبونك إلى الكذب في بواطنهم ومجالسهم السرية لعلمهم اليقيني أنك صادقغير كاذب، وهم يلقبونك قبل إنبائك وإرسالك لهم بالأمين. ولكن كي يتوصلوا إلى تحقيق أهدافهم في الإِبقاء على عادتهم وما ألِفوا من عبادة أوثانهم يقولون بألسنتهم من غير نسبتك إلى الكذب، فإذا عرفت هذا فلا تحزن لقولهم.
وعن علي رضي الله عنه قال: قال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم: قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم، وتصدق الحديث، ولا نكذبك، ولكن نكذب الذي جئت به. فأنزل الله عز وجل: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [سورة الأنعام/36]. أخرجه الترمذي، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.
اللهم إنّا نسألك أن تجعلنا من عبادك المتخلقين بأخلاق نبيك المصطفى وشمائله العظيمة.